نهجان في مواجهة ازمة النظام اللبناني

ازمة النظام اللبناني ليست آنية او طارئة ؛ بل تعود لما بعد العهد الشهابي ؛ ومحاولة فؤاد شهاب تطوير النظام ؛استنادا لدراسة  الوضع اللبناني من قبل بعثة ارفد الفرنسية  .  خلاصة  الدراسة ان 4% من الشعب اللبناني يستحوذون على 80% من الثروة اللبنانية و96% من الشعب اللبناني  لهم 20 % من ثروة لبنان . تبعا لذلك الإقتصاد  هو رأسمالي  ومتخلف لتبعيته للنظام الرسمالي العالمي مما انعكس على تراجع الصناعة وتقهقر الزراعة لأن الإستثمار  في المصارف اوفر ربحا للسياسيين وشركائهم  أصحاب المصارف ان طبيعة النظام رأسمالي تبعي ومتخلف يغُلق الباب امام الثورة الإشتراكية . ولكن تفاقم أزمته العامة وعجزه عن التطور أولا ووجوده عائقا امام تقدم المجتمع يفتح الباب واسعا لعملية اسقاطه لأنها المخرج الوحيد من الأزمة المتفاقمة التي تستولد دورياً الحروب والصراعات العبثية .

إزاء هذا الواقع برز نهجان في مواجهة أزمة النظام اللبناني .


1- نهج الحركة الوطنية التي اجتمعت احزابها في فندق البوريفاج  وأعلنت برنامجها تحت مسمى
من اجل اصلاح ديمقراطي للنظام السياسي اللبناني :
الصراع مع أحزاب الجبهة اللبنانية يحتدم إعلاميا وميدانيا ( مظاهرات تعبوية  ضد الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية ) لعبت الحركة الوطنية دور الوساطة بين السلطة والجماهير؛مما حولها الى مجموعة قيادات انتهازية ؛ بدل قيادتها لتحقيق مطالبها ضد شركة بروتيين التي تريد احتكار صيد الثروة البحرية لوحدها وتشريد الصيادين  وقطع مصدر معيشتهم .في حين ان الجبهة اللبنانية تستكمل تحضيراتها للجولة الثانية فكانت مجزرة عين الرمانة .لم تتحقق مطالب الصيادين ولم يحدث الإصلاح الى الآن. هذا النهج الإصلاحي لم يتم التراجع عنه الى الآن ومن نتائجه ترهل الأحزاب حتى أضحت هياكل جوفاء لا حول لها و  لا قوة  (كتاب نهجان في مواجهة ازمة النظام اللبناني _ حزب العمل الإشتراكي العربي )


2 – نهج حزب العمل الإشتراكي العربي الثوري : عارض ودحض هذا البرنامج الإصلاحي ؛وحاول تكرارا دفع الحركة الوطنية للتخلي عنه من خلال اعداد تقرير سياسي :” من اجل ان تستعيد الحركة الوطنية القضية ومقومات القوة ” ولا حياة لمن تنادي . قدم تصورا لخطة الحركة الوطنية القتالية لم تتم مناقشتها .لأن كل حزب فتح دكانة على حسابه . واستمرت الإصلاحية تسبب الهزائم . ان نهجنا في حزب العمل الإشتراكي العربي يعبر عنه كتاب نهجان : “اننا لسنا حزباً لشلة من الإنتهازيين اقصى ما يطمحون اليه هو الوصول الى البرلمان والتربع على كراسيه الوثيرة
اننا طلاب تغيير جذري وثورة وطنية ديمقراطية ؛ ان المقياس لمستوى الحزب ؛ والصورة التي ينبغي ان يكون عليها؛ ليس هو مقياس الوجود والإنتشار ؛ بل هو العمل على امتلاك القدرة الذاتية التي نستطيع معها ان نقول للطبقات الرجعية باسم أبناء شعبنا : نحن هنا ؛ وان لبنان لا يتسع لوجودنا ووجودكم .”

مذكرة سياسية : حول موقف الحركة الوطنية السياسي وخطتها القتالية

وجه حزب العمل الإشتراكي العربي ؛ وبناءً على طلب من اللجنة التنفيذية للمجلس السياسي المركزي للأحزاب والقوى الوطنية والتقدمية في أوائل 1979 هذه المذكرة السياسية التي وضعت على رف النسيان ؛ لعدم مناقشتها  مما اضطر الحزب لنشرها لجماهير شعبنا في حزيران 1980 .
ورد في المذكرة ( ص: 33 )ان خطة عمل الحركة الوطنية ينبغي ان تتكرس على الأسس التالية

  1. موقف سياسي واضح ومحدد ضد الوفاق الرجعي ومقاومة أي حل سياسي يتعارض مع أهدافها المرحلية :وحدة لبنان- وعروبته – وتطوره الديمقراطي والإنتقال من سياسة (خط الإعتراض) الى موقع الطرف الفاعل في تحريك الأزمة ووضع الحلول لها
  2. الإسراع بتشكيل قوات الحركة الوطنية المقاتلة ؛ تحت شعار : المقاومة الشعبية المسلحة لتحرير الجنوب من الاحتلال والفاشية . وفرض واجب (الخدمة الثورية )على سائر أعضاء الحركة الوطنية  وتحويل المكتب العسكري في الجنوب الى قيادة عسكرية لقوات الحركة الوطنية وتنسيق فعاليتها مع المقاومة الفلسطينية .
  3. نظرا لإحتمال اضطرار النظام السوري الى سحب قواته .على قوات الحركة الوطنية ان تحل محلها الواقع اللبناني ما بعد 14 شباط 1983 ( تاريخ الإعلان عن دولة سعد حداد )


يرد في المذكرة ما يلي :اذا نظرنا الى وطننا اللبناني اليوم ؛ نجده من الناحية العسكرية  منقسم الى 3 اقسام :

  • لبنان – مناطق هيمنة الجبهة اللبنانية _ يعيش تكريساً لسلطة الأقلية ؛ وتصر هذه الأقلية ؛ على انها هي – ولا احد غيرها – التي تمثل لبنان كله  وان لبنان بدونها يفقد هويته وخصوصيته .
  • لبنان دولة – سعد حداد (14 شباط 1983 ) ما بعد الليطاني حتى حدود فلسطين . يمثل سلطة مزدوجة بين الجبهة اللبنانية  والعدو الصهيوني من جهة  ويشكل حزام امن لهذا العدو في وجه الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية من جهة ثانية
  • لبنان _مناطق نفوذ الحركة  الوطنية   والمقاومة الفلسطينية – يعيش حالة استرخاء و إنفلاشوعدم استعداد كاف من الناحية العسكرية  والسياسية اضف الى ذلك  حالة الإختراق الأمني من قبل الجبهة اللبنانية والمخابرات اللبنانية  والقوات الدولية في الجنوب . ويعيش حالة انتظار نتيجة للنهج الإصلاحي للحركة الوطنية  .

ماذا فعل حزب العمل الإشتراكي العربي ؟

قرر الحزب _ بالتنسيق مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – تنفيذا لشعار المقاومة الشعبية لتحرير الجنوب من الاحتلال والفاشية  ؛ إنشاء قواعد عسكرية في الجنوب وفرض الخدمة الثورية على أعضائه من كافة المراتب الحزبية .
وبدأت عمليات الإستطلاع  والإشتباك مع قوات سعد حداد .واستشهد في احدى المواجهات شهيدان هما الرفيق اياد والرفيق راجي .( 1 ) لم يستطع الحزب  الإستمرار لضعف الإمكانيات المادية و اللوجستية  اذ تعرضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ؛ لضغوط من الحركة الوطنية ومن أبو عمار ؛ لإنهاء هذه الظاهرة في الجنوب .
ان وجود الحزب عسكريا في الجنوب تحت شعار جبهة المقاومة الشعبية لتحرير الجنوب من الاحتلال والفاشية شكل نقيضا للقوات المشتركة  ( أحزاب من الحركة الوطنية و فتح أبو عمار )
ومصدر الإزعاج هو مطالبة الحزب بلبنانية القوات التي سيكون على عاتقها تحرير الأرض اللبنانية والتنسيق سيستمر مع المقاومة الفلسطينية .
هذا المآل نتيجة منطقية للنهج الإصلاحي ؛ وهو مستمر الى الآن ؛ وبسببه لم تستطع كل نضالات الشعب ان تحدث التغيير  المطلوب  هذا من جهة ؛ والإرتهان المالي لأبي عمار والتسليم لمقولة من يدفع يسيٍر من جهة ثانية .
( 1 ): أول شهداء جبهة المقاومة الشعبية لتحرير الجنوب من الاحتلال و الفاشية. و بدأت قافلة الشهداء.


البديل الثوري لمراوحة الإصلاحية في مكانها

في عام 1976 ؛ خضعت جبهة عين الرمانة الشياح الى حالة  ستاتيكو قتالي ؛ تبادل بالقذائف وقنص للناس من الطرفين انعكس بحالة تذمر من قبل الجماهير .وذلك بسبب موقف القوات المشتركة الإنتظاري ؛ ومن قبل أبو عمار ؛ لشيء ما في المستقبل .
إزاء هذا التموضع العسكري الساكن : قرر حزب العمل الإشتراكي العربي القيام بمبادرة الإقتحام  لعين  الرمانة ونجح بذلك .سميت في حينه بثغرة عين الرمانة وتم دعوة القوات المشتركة الى فتح المعركة وتحطيم غطرسة الجبهة اللبنانية .
كان الرد ؛مفاجئا ؛ من القوات المشتركة التي قامت بتطويق  المقاتلين وانذارهم بالإنسحاب الفوري والا سنجبركم على الانسحاب . والقرار من أعلى المستويات . فما كان أ مام الحزب من خيار الآ الانسحاب . لأن أبو عمار يريد الحفاظ على وضعية خطوط التماس .
لم يرد الحزب الإنفصال عن الحركة الوطنية جل ما يريده عدم ضياع الإنجازات والتضحيات الهائلة التي تكبدتها الجماهير ؛ان تذهب هباءً منثورا ؛ بسبب إصلاحية الحركة الوطنية . والحزب يعرف امكانياتها من جهة ويرى إمكانية الإنتصار والتغيير الجذري ان تخلت عن منهجها الإصلاحي من جهة ثانية .
هذا ما كان والواقع امامنا الآن : لا الإصلاح تحقق ولامطالب الشعب أنجزت ولا الحركة الوطنية استمرت . والأزمة باقية الى يومنا هذا ؛ لن يتغير شيء ان لم نتعلم من التجارب السابقة  . ولا بد من القول ان اسقاط النظام يتطلب جبهة وطنية موحدة تحت هذا الشعار وهذه الجبهة تمتلك الخطة لإسقاطه .

       تعليق عما تقدم

  1. الحركة الوطنية اللبنانية منذ تشكيلها ؛ لم تطرح تغيير النظام  ؛ جل ما تريده الإعتراف بها من قبل النظام ؛ وايصال بعض الشخصيات الى الندوة البرلمانية . (وثائق الحركة الوطنية اللبنانية – 1975 – 1980 )
  2. قتال الحركة دفاعي بهدف الحفاظ على الذات فقط . وليس من أجل تعبئة الجماهير ؛ التي قدمت  قوافل الشهداء من أبنائها ؛ بهدف اسقاط النظام المأزوم .
  3. الجبهة اللبنانية تمتلك مشروع واضح وجهزت قواتها العسكرية لفرض هذا المشروع بالقوة ويتلخص بما يلي :
    • – الهيمنة على الطوائف الأخرى واستخدامها لصالح مشروعها .
    • – نحن لبنان ونحن نمثله وننطق باسمه ؛ ولن نقبل مطلقاً بتغييره
    • – ترحيل الفلسطينيين ومعهم مقاومتهم
    • – نزع الهوية العربية عن لبنان والتحالف مع الصهاينة لتأمين نجاح مشروعهم
  4. – لا ضير ؛ عند كافة الطوائف ؛ من رهن لبنان للغير العربي و الأجنبي طالما مصلحة اسياد النظام مؤمنة .
  5. ان بقاء النظام  بتركيبته السابقة والراهنة هو بمثابة  بقاء للحروب الداخلية الدورية  ولمزيد من الإرتهان  للخارج
  6. هناك حلقة مفقودة في تاريخ لبنان المعاصر ؛ وهذه الحلقة  هي عدم قدرة العمل الوطني على انتاج الحزب الوطني والثوري والقائد لجبهة من الأحزاب والفعاليات الوطنية  بهدف احداث التغيير المنشود لصالح  لبنان وشعبه

7-  بالنظرية  والممارسة ؛ وبالإنصاف العادل ؛ اثبت حزب العمل  الإشتراكي  العربي تمييزه الواضح والجلي ؛ لما تقدم وما سيليه ؛ على انه الحزب الأكثر ثورية في طروحاته و ممارساته .
8- اخيراً يبقى السؤال الكبير ما العمل ؟

شاهد أيضاً

سنبقى أوفياء (الاخيرة)

الحلقة الاخيرة الجزء الاول سنبقى أوفياء يقول السؤال الذي اختتمنا به الحلقة التاسعة: إذا كان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *