الحلقة الخامسة
المقياس السياسي والأسس التنظيمية لاقامة جبهة العمل الوطني الديمقراطي تشمل كافة الاحزاب والمنظمات والحركات والشخصيات الوطنية
أولاً : في المقياس السياسي:
- يواجه العمل الوطني اللبناني قضيتان أساسيتان القضية الوطنية وقضية الديمقراطية:
- القضية الوطنية : أنّ حزباً أو قائداً سياسياً لا يشعر بواجب المساهمة بقضية تحرير الجنوب والبقاع الغربي وراشيا، لا يجوز اعتباره وطنياً ، بغض النظر عن ادعاءاته والشعارات التي يرفعها ، لذلك ينبغي على القوى الوطنية التي تبادر لاعادة وتنظيم صفوف القوى الوطنية والتقدمية أنّ تشعر بمسؤوليتها تجاه المقاومة الوطنية والمشاركة بها من قبل كل حزب ومنظمة وحركة وشخصية وطنية وتبدّل ما يكفي للإقناع والاستقطاب في إطار العمل الوطني الجبهوي.
- وفي ظروف طغيان الطائفية ، يصبح كل حزب أو منظمة أو حركة أو شخصية وطنية ، مطالبة بالعمل على جعل الديمقراطية سمة الحياة السياسية السائدة ، واعتبار الانفراد والاستئثار جنوح نحو الفاشية ، لذلك ينبغي أن تنصب جهـود كـافـة القـوى والعناصر الوطنية على انتزاع الديمقراطية واشاعتها . ومعلوم فان فاقد الشيء لا يعطيه . لذلك يجب على القوى الوطنية والتقدمية أن تجعل من الديمقراطية أساساً للعلاقات فيما بينها لتكون النموذج والقدوة والحجة امام الآخرين وفي مواجهتهم !
2- إن لبنان بلد عربي وتجسيداً لذلك ، فإن العمل الوطني في لبنان مطالب بتحديد علاقته العربية التي تربطه بمحيطه العربي .
تواصل “الثوري” نشر دراسة الرفيق ابو عدنان : سنبقى أوفياء ، التي كتبها بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد الرفيقين » حکیم « و» صخر« .
أكد الرفيق ابو عدنان في الحلقة الاولى » ان ذكرى استشهاد » حکیم « و» صخر« موضوع متجدد بمحتوياته ومضامينه ذلك ان الاستشهاد في سبيل دعم الكفاح القومي ، لا يجسد مثالا ملموساً على نوعية الفداء الاكثر جدوى ، ولا يرسم طريقاً لربط النضال الوطني القطري بالنضال العربي القومي ، فحسب ، وانما يكشف عن ايمان بمنهج العنف الثوري رداً على العنف الرجعي ، لذلك كان استشهادهما ( حكيم وصخر) ، ترجمة عملية لنظرية الثورة المستمرة حتى النصر«.
ودعا كل مناضل ثوري ، لأن يتامل دلالة واقعة الاستشهاد هذه ، ويهتدي بها … ولقراءة صفحتين : صفحة ظرف حدوث الواقعة ، وصفحة ظرفنا الراهن . وبعد القراءة اترك لك ان تحكم بوجاهة او عدم وجاهة دعوتي لتامل دلالة الاستشهاد والاهتداء بها.
كانت صفحة الأمس رفضاً للمساومة ومقاتلة دعاتها ، وما تزال صفحتنا هي هي ، من حيث رسوخ الايمان وصلابة الالتزام. وعرض رؤية الحزب لـ طبيعة واسلوب تحقيقها.
وفي الحلقات الثانية والثالثة والرابعة ، واصل الرفيق استعراض رؤية الحرب من خلال المذكرات التي قدمها للحركة الوطنية وهي:
ـ مذكرة الى المجلس السياسي المركزي يدعوه فيها لاعادة النظر” ببرنامج الاصلاح المرحلي” ، واعادة صياغته على اسس اقامة سلطة وطنية ديمقراطية في المناطق الوطنية.
– البيان التأسيسي لجبهة المقاومة الشعبية لتحرير الجنوب من الاحتلال والفاشية .
– خطة قتالية لقوات الحركة الوطنية.
– مذكرة ثانية للمجلس السياسي المركزي.
ـ مذكرة قدمتها ( ل م .و ) لحزب العمل الاشتراكي العربي الى اعضاء المجلس السياسي المركزي ( ۲۸ – ۱۲ – ۱۹۸۰ ).
– توجيه مذكرة الى الرئيس وليد جنبلاط ، واللجنـة التحضيرية لمشروع الجبهة الوطنية الديمقراطية وفي هذه الحلقة يحدد الرفيق ابو عدنان المقياس السياسي والاسس التنظيمية لاقامة جبهة للعمل الوطني الديمقراطي تشمل كافة الاحزاب والمنظمات والحركات والشخصيات الوطنية.
إن العلاقة بين كل قطر عربي وبقية اقطار وطننا العربي الكبير موضوعية، والتأثير المتبادل هو القانون الموضوعي الذي يربط الظروف القطرية بالظروف العربية. لذلك فإن علاقة اي قطر عربي ، محددة موضوعياً ، بحكم الواقع المادي الملموس . وعلى سبيل المثال فإن علاقة لبنان بالقطر العربي السوري ، لا يمكن ان تقاس بأي قطر عربي آخر، بحكم الجوار وتشابك المصالح والتاريخ ، من هنا فإن عروبة لبنان تتجسد موضوعياً بالتزام العمل الوطني الجبهوي بالعلاقة مع القطر العربي السوري والمقاومة الفلسطينية ، طالما بقيتا في الموقف القومي العربي الوطني بصورة خاصة ، وتتاكد بالعلاقة مع كافة اقطار الصمود والتصدي العربية وقوى حركة التحرر الوطني العربية الشعبية في كافة الأقطار العربية بصورة عامة.
3- وعلى الصعيد العالمي ، فان الحركة الوطنية اللبنانية ، لا بد أن تدرك بأنها طرف بمعسكر قوى الثورة العالمية ، وطليعته البلدان الاشتراكية عامة والاتحاد السوفياتي على وجه الخصوص ، ولذلك فإن شعار التضامن الأممي الكفاحي ينبغي أن يضاف لشعاراتها التي تحكم عملها وترسم مواقفها.
إن القوى التي تلتزم بهذا المقياس تعتبر عاملة ولها حق اشغال موقعها في جبهة العمل الوطني الديمقراطي .
ثانياً: في الأسس التنظيمية:
1- في المبادىء والأخلاق :
إن العمل الوطني الديمقراطي اطار محدد بمصلحة الشعب و جهود الوطنيين العاملين في سبيل خدمة هذه المصلحة.
وإنطلاقاً من هذا التعريف ، فاننا نرى ضرورة ملاحظة نتائج تطور العمل الوطني بالنسبة للأحزاب والمنظمات والحركات والشخصيات إذ يمكن ان تحدث تحولات في طبيعة المشاركين فيه ، تجعل مصالحهم ومسلكيتهم متعارضة مع طبيعة العمل الوطني ، كما يمكن أن تكشف التجربة أن بعض الشخصيات و تلحق العمل الوطني لمآرب شخصية غير مشروعة تسعى لتحقيقها تحت ستار انتمائها لجبهة العمل الوطني الديمقراطي ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر فان شخصاً مثل البـير منصور مدان باختلاس اموال المكتب الوطني في البقاع طيلة فترة مسـؤوليته عن المكتب ، كيف يجـوز تنصيبه على رأس مؤتمر مكافحة الغلاء ؟ وهل تكفي علاقته بـالـحـزب الشيوعي لتزكية براءته وفرضه رمزاً من رموز العمل الوطني ؟
إن مثال البير منصور ، قد تلحظه متجسداً بشخصيات حزبية ايضاً . لذلك يفترض أن تنحى عن اشغـال مـراكـز المسؤولية في عملنا الوطني المشترك ، لكي تحافظ على نقاوة الوجوه التي تقابل الجماهير وتخاطبها !
٢ ـ في قواعد العمل الوطني واعرافه:
ثم تشرح المذكرة في اربعة عشر بنـدأ قواعد العمل الوطني و اعـرافـه التنظيمية ، التي لا نرى فائدة من نشرها بعد أن تردى العمل الوطني ضاع العديد من أحزابه ومنظماته في متاهات سلبياته التي باتت طاغية لدرجة لم تعد معها الجماهير تميز بين ما هو وطني وما هو طائفي … بين ما هو خدمة للجماهير ونضالاً في سبيل مصالحها وما هو متاجرة بدماء الشهداء وبلقمة عيش الكادحين!..
بعد أن تشرح المذكرة قواعد العمل الوطني واعرافه التنظيمية ، تختتم موضوعاتها بما يلي :
الرفيق الرئيس وليد جنبلاط الرفاق و الزملاء أعضاء اللجنة التحضيرية :
هذه هي رؤيتنا لعملنا الوطني ، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، نتقدم بها مع الأمل ان تكون منبها يجلب الانظار لضرورة انتشال عملنا الوطني الديمقراطي من واقعه الراهن ، بعد أن طال انتظارنا ونحن نرقب نتـائـج الجمود الذي كرسته مبادرتكم المتسرعة لاعلان صيغة للعمل الوطني منقولة من الساحة العراقية، بدلاً من ان تكون قائمة على أساس واقـع الساحـة اللبنانية ومنبعثة من الحاجة الملحة لاعادة تنظيم الصف الوطني .
إن الفترة التي مضت على اعلان قيام ” جود ” اللبنانية كافية للحكم على عدم جدوى الاسلوب الذي تحققت وفقه . لذلك فإننا نعتقد أن تحريك ساحة العمل الوطني على أساس تحفيز جميع الأحزاب والمنظمات والحـركـات التقدمية والوطنية ، للمشاركة بإعادة تنظيم الصف الوطني ، بات امراً ملحاً بغية الخروج من مأزق الجمود الذي تعيشه الساحة الوطنية.
ختاماً: لكم تحياتنا الرفاقية ورجاءنا أن يكون النجاح حليفكم من أجـل رفع شأن العمل الوطني وانتشاله من مأزق الجمود الذي يعانيه .
” بيروت في اواسط كانون الثاني 1985″
” اللجنة المركزية الوطنية لحزب العمل الاشتراكي العربي ”
تلحظ أيها القارىء الكريم ، أننـا كنـا عـلى شيء من التفاؤل عنـدمـا كتبنا هذه المذكرة رغم ان ادعاء كريم مروة بعجزهم عن مراجعة تجـربة العمل الوطني قد ذكرنا بادعاء جورج حاوي حين أعلن امام المجلس السياسي المركزي بأن حزبهم قد أمضى شهرين في البحث والدراسة من اجل اعداد خطة قتالية لقوات الحركة الوطنية ، بدون جدوى ، لكي يبرر تكليف حزب العمل الاشتراكي العربي، بإعدادها …… رغم ذلك فاننا كنا متفائلين لدى كتابة مذكرتنا هذه ، غير أن تفاؤلنا لم يكن بمحله ، إذ ان وفد اللجنة التحضيرية ، كان لتغطية الفشل على ما يبدو ، إذ لم نتلق ، جواباً على مذكرتنا التي كلفونا بكتابتها!..
هذه هي مسيرة الحركة الوطنية وهذا هو منهجها ، وهذه هي مبادراتنا المتواصلة من أجل حثها وحضها على الاقلاع عن المتاجرة بدماء الشهداء والعبث بمصير الشعب ، والتوجه الجاد لامتلاك منهجاً وطنيا يطرح البديل الشعبي للعميل الطائفي ، وبلورة صورة مـا يجب ان يكون على أنقاض ما هو كائن ! ..
رابعاً: إذا سمحت أيها القارىء الكريم ، بأن نعود لمطالعة الحكم الذي سجلنـاه دون انتظار لمعطيات التحليل أعني قولي ” لست اری مجادلاً يدافع عن الحركة الوطنية وعن دورها الكفاحي خلال المرحلة الراهنة. بين أوساط الجماهير الشعبية. إن واقع الحركة الوطنية هذا يحز في النفس ويثير القلق لدى كل الحريصين على ان تلعب هذه الحركة دوراً نضالياً يجعل منها، بنظر ابناء الشعب، طليعة واعية ومنظمة وقـائـدة لكفاحهم ضد اعدائهم القوميين والطبقيين. ولكن شعورنا بالمرارة والقلق شيء ، وضرورة إدراك أسباب واقع العجز الذي تعيشه الحركة الوطنية شيء آخر. إن قيمة وأهمية مثل هذا الشعور يتجليان بنوعية ما ينجم عنه من وعي لضرورة المعالجة. غير أن وعي هذه الضرورة وحده ليس كافياً لجعل الواعين قادرين على المعالجة وانتشال المأزوم من مأزق أزمته ، ما لم يكن المازوم نفسه مستعداً لقبول العلاج والاستفادة منه “!..
ما هو الشعور الذي يخالجك بعد مطالعة هذه الوقائع المتوالية وهل يخامرك شك بأن الجهد الذي بذلناه كان كبيراً وان القول المأثور:” لا حياة لمن تنادي “، ينطبق على وضع الحركة الوطنية لدرجة يصح معها القول أيضاً : اننا كنا نضرب في حديد بارد؟
نترك لك تحديد مشاعرك . أما نحن فملزمـون بإجلاء الغموض الذي يعتـري قـولنـا:” منذ سنة ونصف السنة ، وحزب العمل الاشتراكي العربي، ينتهج سياسة نعرّفها للمتفهمين ، بانها انكفاء ذاتي من الانشغال بهموم قوى واحزاب الحركة الوطنية .ولكن هذه السياسة التي اختطها الحزب ، لم تكن إلا ترجمـة لتحليل واقع الحركة الوطنية الراهن ، وتعبيراً عن رؤية استباقية ، لآفاق تطورات الوضع اللبناني “.