الحلقة الثانية
1 – نطالع في التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني الثاني ما يلي : إنّ حزب العمل الاشتراكي قد، دعا بإلحاح شديد، الحركة الوطنية، لأن تغير تكتيكها الاصلاحي وان تطرح قضية الثورة على جدول اعمالها وأن توظف ممارستها في خدمة هذا الاتجاه توظيفاً يجعلها مهيأة للإنتفاض ساعة تحين الفرصة ويصبح الظرف مؤاتياً وملائماً . ولدى مطالعتنا لوثائق الحزب نلحظ كم بذل الحزب من جهود بغية إقناع الحركة الوطنية وخاصة ” الشيوعيين” بهذه الفكرة ، ولكن جهوده قد اخفقت ولم تثمر حتى وقتنا هذا ..
عندما نرجع الى أواخر عام 1974، واوائل عام 1975، نلحظ الفارق بين تكتيك حزب العمل الاشتراكي العربي وبين تكتيك ، الإصلاحية في الحركة الشيوعية اللبنانية، كنا ندعو الى العنف المسلح وكانوا يدعون الى الإصلاح … كنا نتحدث عن مخطط فاشي لتصفية المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية وكانوا يتحدثون عن مزايدات سياسية إستعداداً لانتخابات رئاسة الجمهورية … كنا نتحدث عن هجمة فاشية تكرر مجازر الاردن والحرب الأهلية، وكانوا يتحدثون عن ترتيبات وتحالفات جديدة ، من أجل إنتخابات 1976… كنا ضد الحكومة ، وكانوا معها، كنا ندعو للرد على العنف الرجعي بعنف ثوري، وكانوا يتهموننا بالمغامرة ويدعون الى التهدئة وتجنيب البلاد ” الفتنة الطائفية ” … كانوا يصفون الحرب بأنها قذرة وفاشية وكنا نقول انها حرب أهلية … كنا مع الحسم، وكانوا مع وقف النار والمصالحة ” الوطنية” … كنا ضد الحل السلمي وكانوا معه … كنا ضد شعار إزالة آثار العدوان ، وكانوا هم اصحابه وحملة رايته … كنا مع الثورة والثوار في العالم وكانوا مع الإصلاحية يشاركون في إدانة العنف الثوري ويوصمون راياته بالمغامرة … كنا مع الثورة ودكتاتورية البروليتارية وكانوا ضد الثورة وضد دكتاتورية البروليتارية … كنا وكانوا… مختلفين على طول الخط رغم تحالفنا ضمن اطار الحركة الوطنية في مواجهة الفاشية!…
ثم يتابع التقرير عرضه للموقف ولقضايا الخلاف مع الحركة الوطنية ،فيشير الى الاجتماع الموسع الذي عقدته اللجنة المركزية الوطنية في أواسط شباط 1976 إشارة يصف الظرف الذي انعقد فيه الاجتماع، بأنه مفعم” بنزعات وشعارات ومحاولات التهدئة والمصالحة والوفاق ، وكان الحزب يعارض ويرفض. ليقينه بأنها تصب في تيار الإصلاحية الساعي لعودة الصراع الى دائرته السياسية. على حساب الجماهير وهدراً لتضحياتها ، وخلال الفترة الزمنية منذ اواسط شباط حتى اواسط آذار ، كان الحزب يقوم ويدعو الى المبادرة الثورية وفرض سلطة الحركة الوطنية على مناطقها وخوض الصراع وشن الحرب الاهلية من موقع السلطة ، وتعبيراً عن موقفه اصدر حزبنا في 16\2\1972 بياناً تحت عنوان :” لا لإتفاقية الرجعية المطروحة ” عارض في إتفاقية ، التوازن الطائفي بين اطراف النظام ، التي رحبت بها الحركة الوطنية .
كان الحزب يعارض الاتفاقات الطائفية العشائرية التي تحاول انتشال النظام من وهدته وكان الصراع بينه وبين القوى الإصلاحية على اشده . فقد كنا نناضل على جبهتين : نحث الجماهير على متابعة القتال حتى الانتصار. وندعو الحركة الوطنية لنتولى شؤون مناطقها وتفرض سلطتها عليها . وكانوا يتشبثون بحل امني موحد. وانظارهم مشدودة الى الجيش. فما دام الجيش الرجعي محافظاً على وحدته . فإن الأمل في التسوية والوفاق واعادة الصراع إلى دائرته السياسية، يبقى مهيمناً على تفكيرهم . وما إن بدأن بوادر التمرد في صفوف المؤسسة العسكرية تبرز الى السطح بقيام جيش لبنان العربي ، حتى بادرنا الى طرح شعار ” نحو حكم وطني ديمقراطي شعبي “.
واصدرنا في 11\3\1976، بياناً حمل دعوتنا لتشكيل حكومة وطنية ديمقراطية تمثل إرادة الجماهير وتحقق مطالبها العادلة ” إذ رأى الحزب ان الفرصة التاريخية التي نعيشها تحتم على سائر اطراف المعسكر الوطني ان تقلع عن اي عمل من شأنه الحفاظ على النظام المنهار، اولاً وان تتحرر من نير التردد وتتحلى بالإقدام والعزيمة على وضع للتآمر الرجعي على المقاومة الفلسطينية وحركة الجماهير الشعبية وانهاء حالة الحرب والاقتتال بالاستمرار في تضييق الخناق على الفاشيين وفرق قيام حكومة وطنية ديمقراطية تكون اداة لتحقيق مطالب الجماهير ورغبتها في العيش في ظل حكم وطني ديمقراطي شعبي ثانياً .
جاءت مبادرة الحزب هذه متوافقة مع تطورات الاحداث. ففي اليوم الذي كان فيه بيان الحزب يوزع على الجماهير ، ” اذيع في المساء نبأ الانقلاب العسكري والمطالبة بإقالة رئيس الجمهورية وقد حطم هذا التطور عملياً وحدة الجيش واسقط بالتالي “حلم” الحل الأمني الموحد الذي كان يداعب اذهان الإصلاحيين ” الأمر الذي دفع الحزب لإصدار بيان آخر جدد فيه الدعوى لإقامة حكومة وطنية ديمقراطية . وحدد منهاجاً بالمهام التي يتعين عليها القيام بها .
كان حزب العمل الاشتراكي العربي ، يلح على الحركة الوطنية، لكي تنهض بمسؤولياتها ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، ومع ذلك بادر لتقديم مذكرة الى المجلس السياسي المركزي يدعوه فيها لاعادة النظر ” ببرنامج الإصلاح المرحلي”. وإعادة صياغته على اساس إقامة سلطة وطنية ديمقراطية في المناطق الوطنية .
إنّ الحرب الأهلية الطاحنة التي خاضتها جماهيرنا منذ ثمانية عشرا شهراً تخطت الكثير من الوقائع والمقولات واثبتت خطأ التحليل الذي اعتمده ” البرنامج المرحلي” عندما حصر الخطورة في النهج الإنعزالي القائم على محاولة فصل لبنان عن المنطقة العربية والإنسحاب الكلي من ميدان الصراع القومي مع العدو الصهيوني وحلفائه … ” دون ان يرى ارتباط هذا النهج الإنعزالي بسياسات الأنظمة الرجعية العربية المستسلمة التي تخوض المعركة الى جانب النظام اللبناني للإنسحاب من ميدان الصراع القومي الشامل ” الامر الذي يفسر تحالف اليمين المحلي مع الانظمة العربية الرجعية المتهافتة على انجاز التسوية السياسية للصراع القومي على اساس المخطط الاميركي .
إن هذا التخالف القائم بين الرجعيتين العربية والمحلية ، الى حد القتال في خندق واحد ضدنا . يدلل على خطأ النظرة الجامدة الى العروبة والتي شكلت اساساً للمراهنات على تدخل الانظمة العربية في المعركة . إن الانظمة العربية الرجعية غير متناقضة مع النظام اللبناني في توجهه الاساسي. واذا كان ثمة تعارضات فيما بينهما فهي تعارضات ثانوية لا تمس جوهر التوجه بقدر ما تختلف في الكيفية وفي الجهة التي تنجز هذه المهمة او تقطفثمارها . ولذا يرى حزبنا ان معركتنا في لبنان تصارع بشكل مباشر وغير مباشر مجمل السياسات العربية المستسلمة. وبالتالي لا يمكن ان يشكل التدخل العربي الرجعي نقطة تحول في صالحنا.
وعندما يطرح ” البرنامج المرحلي” ا” نهج الصراع السياسي الديمقراطي القائم على الاحتكام الى إرادة الاكثرية الشعبية. كي لا تنفجر الازمة اللبنانية بشكل يتحول معه الصراع الاجتماعي السياسي الطبيعي والمشروع الى اقتتال داخلي متكرر …” لا يجيب على السؤال لماذا لجأت الرجعية الى ” استعمال السلاح في وجه التحرك المطلبي ..” إذا كانت قادرة على القبول بـــ ” نهج الصراع السياسي “، وبالتالي هل يعقل ان ترمي سلاحها. بعد حرب اهلية طويلة، دون ان تحقق اهدافها الاساسية، لتقبل بالعودة الى الديمقراطية والصراع السياسي “.
” إن ابرز الوقائع التي اعقبت ” البرنامج المرحلي ” هي تفكك النظام وانهيار اجهزة الدولة وغيابها عن المناطق الوطنية . وفي ظل عدم وجود السلطة خضعت الجماهير لسلطة الفوضى ، وشهدت مناطقنا الوطنية عملية استغلال وحشي لظروف الحرب بحيث باتت نهباً للتجار والسماسرة واغنياء الحرب الجدد على حساب لقمة عيشها وبالإضافة الى ذلك تمارس بعض القوى المسلحة عملية إرهاب للجماهير وحماية للصوص والمتاجرين بدماء شعبنا .
لقد أدت هذه الاوضاع الى نقمة جماهيرية عارمة. ووصل الامر الى حد الترحم على السلطة القديمة وتمني عودتها للخلاص من هذه الأوضاع ، مما شكل مناخاً ملائماً لتحرك الرجعية الإسلامية وشن حملة من التشكيك والتيئيس للطعن في الحركة الوطنية وعودة الشخصيات السياسية التقليدية الحائرة لقيادة الجماهير بإتجاه إعادة النظام القديم بما يؤمن تصدرها للسلطة على حساب دماء الألوف من شهدائنا .
وبالإضافة الى ذلك كله شكل انعدام السلطة فرصة لقيام البعض بتصرفات طائفية مشينة ومشبوهة تخدم مخطط اليمين الفاشي وتصب في طاحونته ، دون اي تتصدى أية جهة وطنية بشكل جاد ومسؤول لمعاقبة المجرمين والمشبوهين وفضحهم ووضع حد نهائي وحاسم لتصرفاتهم .
إنّ النهج الإصلاحي السائد في الحركة الوطنية، في إصراره على اعادة النظام القديم وإصلاحه. غيب الرؤية العلمية الواضحة الجذرية للصراع. ووقع اسبر الاوهام التي ولدتها النظرة الاصلاحية حول امكان الوصول الى تسوية سياسية، ووقف لإطلاق النار. مما حال دون التعبئة الجذرية الشاملة للجماهير طيلة هذه المدة وادي الى تفاقم الأزمات المعيشية والامنية الى حد ان اصبحت هذه المشكلات عاملاً سلبياً مؤثراً في حماس شعبنا واندفاعه. لقد ادت هذه السياسة الإصلاحية الى تغييب الهدف الرئيسي للمعركة، واثارت في ذهن المواطن اسئلة كبيرة عن هدف القتال . وعن جديته اذا كان سيتمنى بعودة النظام كما كان دون تغيير في علاقات الاستغلال والنهب القديمة “.
وبعد عرض حيثيات الاقتراح، تعدد المذكرة المهام الواجب على الحركة الوطنية انجازها، على مختلف الصعد : السياسية والعسكرية وإقامة المجالس الشعبية على اساس الانتخاب الشعبي بغية تنظيم حياة الجماهير الإقتصادية والإجتماعية والثقافية .
ب- هكذا كان حزب العمل الاشتراكي العربي ، يلح على الحركة الوطنية ، لكي ترتقي لمستوى المهام التي تطرحها حركة التطور الموضوعي عليها . وما ان احتاج الصهاينة الجنوب اللبناني عام 1978 ، حتى بادر الى رفض قرار الإنسحاب أمام العدو الصهيوني . وتشكيل” جبهة المقاومة الشعبية لتحرير الجنوب من الإحتلال والفاشية “. التي نطالع ببيانها التأسيسي مايلي :
موقف الحركة الوطنية
” بدأ العدوان في صبيحة الخامس عشر من آذار 1978. واشتبك مقاتلو الحركة الوطنية مع العدو الصهيوني . جنباً الى جنب مع مقاتلي المقاومة الفلسطينية وقد سجلت مواقع القتال مواقف بطولية طيلة يومي الجولة الصهيونية الأولى التي تمكنت الصهيونية خلالها من احتلال شريط حدودي تراوح عمقه بين 7-10 كلم، ولكن الجولة الثانية من القتال التي باغتت بها القوات الصهيونية مقاتلي المقاومة والحركة الوطنية قد احدثت إختلالاً في صمود المقاتلين تجلت ابرز مظاهره في قرار الإنسحاب الذي اتخذته المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية يوم السبت الموافق18/3 في اجتماعها المشترك الذي عقدته بغياب مندوب حزب العمل الإشتراكي العربي وبدأ الإنهيار في الموقف القتالي يوم الاحد19/3 حين بدأ تنفيذ قرار الإنسحابات من المواقع الوطنية امام تقدم القوات الصهيونية .
لقد سجلت قيادة القوات المشتركة على نفسها خطأً فادحاً لم يكن له اي مبرر غير عدم صواب التقدير للموقف العسكري. مما خلق ارتباكاً في صفوف المقاتلين واشاع نوعاً من الفوضى والإنهيار في جبهة مواجهة العدو الصهيوني .
لقد نسبت الحركة الوطنية- مع الأسف الشديد- موقفها الوطني ونسيت حلها المتوازن. وهي تجابه العدو الصهيوني. ربما لعب مواقف فصائل المقاومة الفلسطينية التي اقترحت قرار الانسحاب واقرته . دوراً في اقتراف الحركة الوطنية لخطيئة الانسحاب هذه ، ولكن ليس هذا هو المهم. ليس مهماً ان نبحث عن الاسباب والمبررات التي دفعت الى الإتجاه الخاطئ وإنما المهم ان تمتلك الجرأة في الوقوف امام هذا الخطأ وتلافيه وتحويله الى درس تستفيد منه معركتنا الطويلة مع اعدائنا القوميين والطبقين : الصهاينة والفاشيين. ذلك ان ارتكاب الخطأ. مهما كان حجمه. ومهما كانت خطورة نتائجه، ليس هو المشكلة الكبرى. طالما ان المعركة مستمرة وطويلة، وانما المشكلة كل المشكلة، تكمن في الإحجام عن الإعتراف بالخطأ وتلاقيه . هنا الطامة الكبرى. والهزيمة الحقيقية.
إنّ احتمال وقوعنا بأخطاء امر ممكن . فمن يعمل قد يخطئ ووقوع الحركة الوطنية بأخطاء اثناء ممارستها القتال لا يشكل ظاهرة فريدة او خطيئة لا تغتفر خاصة وان معرفتها محدودة جداً في حروب الميدان مع الجيوش المنظمة . إن لم نقل انها فقيرة وغير مؤهلة لخضوع حرب كهذه الحرب. ولكن هذه الحيثيات والمبررات التي تشفع للحركة الوطنية . سوف تندثر كلها في حال تلكؤ الحركة الوطنية وعدم إسراعها في تلافي خطأها هذا والعودة الى ميدان القتال وانتقال قياداتها ومجلسها السياسي المركزي او على الاقل مكتبها العسكري الى ساحة المعركة والاشراف عليها بشكل مباشر وقيادتها بجدية ومثابرة تؤكد لجماهير شعبنا . اننا طليعتها المقاتلة ، طليعتها الوطنية والطبقية الواعية والمنظمة .
إننا في ” جبهة المقاومة الشعبية” لا نوجه النقد بغية الإنتقاص من مكانة الحركة الوطنية او التقليل من اهمية دورها .إطلاقاً، وإنما نريد من حركتنا الوطنية ان تكون بمستوى المهام الكبيرة المطروحة عليها فهي ، كما يفترض، مطالبة بان تدرك إنها تمثل مع المقاومة الفلسطينية الطرف الوطني في التناقض الرئيسي الذي يحكم الساحة اللبنانية وان تقاعسها عن آداء مهامها الوطنية. امر يلحق ضرراً كبيراً في موقف الجماهير الشعبية ويضعف نضالها وإذا كان من الممكن تفسير الأخطاء المرتكبة او التي سترتكب في ميدان القتال بقلة الخبرة والدراية وربما بعدم المعرفة بفنون القتال، واساليبه التقليدية والمبتكرة ، فإنّ ارتكابها للأخطاء السياسية امر لا نجد تفسيراً له بغير النهج الإصلاحي الذي يتخبط به المجلس السياسي المركزي والمجالس السياسية الإقليمية وعلى سبيل المثال وليس الحصر. فإنّ الحركة الوطنية قد بنت سياستها على اساس التنازلات امام خصومها، مقابل تصلب الإنعزاليين وابتزازهم ابتداءً من الحل المتوازن الى لم يكن متوازناً وانتهاء الوفاق الوطني الذي لم يكن اكثر من إعلان إفلاس وشهادة فقر حال لا تليق بها. ولعل تعامل المجلس السياسي المركزي مع المعركة الدائرة ضد العدو الصهيوني يلقي ضوءاً كاشفاً على خطأ هذه المسلكية وعدم سلامة تكتيك التعامل مع اعدائنا القوميين والطبقين. ففي وقت تشن فيه الصهيونية هجومها الغاشم نلحظ المجلس المركزي والمسؤول العسكري ونائبه منشغلون ومنهمكون في ندوة تكريم الزعيم الوطني كمال جنبلاط.
هل يصح هذا الموقف وهذه الطريقة في التعامل مع المعركة ؟
من قال ان الكلمة لها الأولوية على الممارسة العملية “ماركس، إنجلس، لينين، ديمتروف ، ماوتسي تونغ، هوشي منه، كيم آل سونغ ، كاسترو، غيفارا … كمال جنبلاط ، الذي نزل الى الجبل ليقود المعركة بنفسه … من ؟
إننا نأمل ان تسفيد حركتنا الوطنية من تجربتها الخاصة وان تتلافي أخطاءها . بالتصميم على القتال ومواصلته حتى يندحر الإحتلال والفاشية، وتقوم سلطة العمال الفلاحين وسائر الكادحين على انقاض سلطة الانعزاليين- الفاشيين- وسائر الرجعيين … إننا نأمل وسننتظر وسنكون جنوداً صامدين ومقاتلين ملتزمين كما نحن الآن. وكما تشهد ساحة المعركة التي خضناها وسنواصل خوضها الى النهاية مهما كانت المصاعب والمتاعب ومهما عظمت التضحيات . فهذا هو طريق الكفاح الثوري … طريق الثورة الطويل والشاق .
وما دمنا بمعرض النقد وتقييم المواقف فإنّ الأمانة النضالية تدعونا لأن نشهد لصمود رفاقنا في حزب العمل الاشتراكي العربي ولرفضهم لقرار الإنسحاب الذي اتخذ بغيابهم ولمواصلتهم للمعركة جنباً الى جنب معنا وبين صفوفنا الامامية المقاتلة .
هكذا جابه حزب العمل الإشتراكي العربي العدوان الصهيوني مجابة ميزته عن بقية احزاب الحركة الوطنية التي اجتمع مجلسها السياسي المركزي، لمناقشة الموقف الناجم عن العدوان ، وكما هي العادة، فقد اكتفى مندوب الحزب الشيوعي بالإشارة للمناطق التي احتلها الصهيانة ، الأمر الذي اضطر معه مندوب حزب العمل الإشتراكي العربي لأن يخاطب اعضاء المجلس بلهجة كانت كما المفاجأة غير المتوقعة:
” أيصح ان نكتفي – ونحن هيئة أركان الجماهير الشعبية كما يفترض- بتسقط اخبار تمدد الاحتلال ، اليس من اولى واحباتنا ان ننظم ونقود مجابهته ؟”.
يبدو أنهم لم يفهموه كفاية ، فسألوه ان يوضح قصدة وان يقدم إقتراحاً محدداً . فقال لهم :
” إننا بحزب العمل الإشتراكي العربي، عارضنا الإنسحاب امام العدوان الصهيوني، لأننا نعتبره هروباً . ومن أجل تصحيح الوضع وتلافي الهروب، فإنني اقترح ان ينتقل المجلس السياسي المركزي الى مدينة صور حيث ما يزال رفاقنا صامدين في مواقعهم ، لكي نعزز المجابهة ونلحق هزيمة بالعدو “.
وبدلاً من أن يرحبوا بالإقتراح، صمتوا وقد عقدت الدهشة السنتهم ، وراحو يتطلعون بوجوه بعضهم، ولم يتبدد جو الصمت، إلاَّ بعد دقائق حين ابتسم ” احدهم” قائلاً :
” إننا نفكر بإحضار بواخر تنقلنا الى قبرص ، فكيف تريدننا ان نذهب الى صور؟”.
قد يبدو القول :” إننا نفكر بإحضار بواخر تنقلنا الى قبرص” فكيف تريدوننا ان نذهب الى صور ؟”… قد يبدو هذا القول مجرد نكتة أوحت بها “المفاجأة” التي حملها مندوب حزب العمل الإشتراكي العربي . يبد انه سواء كان مجرد نكتة ، ام انه تعبير جدي عما كان بعض اعضاء المجلس الذين يمت إليهم صاحبه بصلة ، يفكرون به ،… سواء كانت نكتة ام تعبيراً جدي، فانه يكشف عن طبيعة تفكير اعلى هيئة الحركة الوطنية ، ونظرتها إلى الموقف ، آنذاك، كشفاً يؤكد تبعيتها للعرفاتية وذيليتها لغيرها من القوى المقررة قي الساحة. فقد اتخذ عرفات قراره بالإنسحاب تسهيلاً لتقدم القوات الصهيونية، فبصمت له قيادات الأحزاب المتنفذة . ولم يكن بوسعها ان تفعل غير البصم طالما أنها لا تمتلك قرارها :
لست اظن أن القارئ الكريم يتنظر غير الميوعة والمماطلة، من قيادات لم تكن تشكر بمسؤوليتها عنا تعرض له وطنها . فبعد نقاش ضائع بين النكتة والمزحة والجدية، رفعوا الإجتماع، ووعدوا بمتابعة المناقشة، فاستغرقت المتابعات شهرين، إضطر المجلس السياسي المركزي بعدها لتكليفنا بإعداد” خطة قتالية لقوات الحركة الوطنية” فساورنا الشك بجدية التنفيذ “، مساورة قدرنا معها، ان تكليفنا لم يكن سوى محاولة للتخلص من إلحاحنا، واسلوب لكسب الوقت، ظناً منهم بأننا سنعجز عن اعداد الخطة . فعمدنا الى إنجازها بسرعة، ورفقناها بمذكرة لم تكن سوى مراجعة لنهج الحركة الوطنية وتعرية لإصلاحيتها التي عجزت عن الإرتقاء لمستوى مهام المطروحة على الساحة. فيما يلي بعضاً مما جاء في المذكرة .
الرفاق والزملاء اعضاء المجلس السياسي المركزي “.
تحية النضال المشترك والمصير الموحد “.
” بناءً على قرار مجلسكم الموقر المتخذ في السادس عشر من ايار الجاري (1978) والقاضي بتكليف حزبنا بإعداد خطة قتالية لقوات الحركة الوطنية في جنوبنا المحتل ، نعرض فيما يلي مشروع خطة متتالية اولية لمجابهة العدو الصهيوني والعصابات الإنعزالية الفاشية الضالعة في العمالة والتعبئة له .
ايها الرفاق والزملاء ،
ان القتال وكل الحروب هي امتداد للسياسة بوسائل العنف . ولذا فإننا نستميحكم ان تأذنوا لنا بإبداء بعض الملاحظات حول خطط الحركة الوطنية واساليب مجابهتها لخصومها القوميين والطبقيين على امتداد السنوات العشر الماضية قبل الشروع في عرض الخطة القتالية وحيثيات ممارسة العنف المسلح ضد الصهيونية وعملائها في جنوبنا المحتل .
إن الوقوف امام نهجنا السياسي الوطني يكتسب اهميته من كونه يشكل الاساس والمنطلق والحافز للقتال لذا فإن توجه كفاحنا المسلح في الجنوب ينبغي أن يستند الى وضح وحسم لأية ملابسات تتعلق بحقنا في الدفاع عن جماهيرنا ووجودنا الوطني فضلا عن حق المقاومة الفلسطينية في التواجد ومتابعة كفاحها المسلح ضد المغتصب الصهيوني .
إنطلاقاً من هذه البدهيات نجد ضرورة للإشارة الى طبيعة ازمة النظم العامة ، أولاً ، والى مراجعة صريحة للنهج الإصلاحي خلال السنوات العشر الاخيرة ، ثانياً ، الى كيفية تعامل القوى السياسية اللبنانية مع وجود المقاومة الفلسطينية ،ثالثاُ ، والى النهج الذي تتطلبه جدية القتال ، رابعاً ، قبل ان نعرض موضوع البحث ، اي الخطة القتالية لقوات الحركة الوطنية ، خامساً ، لكي تكون حيثيات قتالنا وظروفه الملائمة خاتمة هذه المذكرة ، سادساً .
ثم تتناول المذكرة طبيعة الأزمة العامة التي يعانيها النظام اللبنانية ، تناولاً ينتهي للتأكيد على ” أن هذه الحرب بقدر ما تكشف عن اهل النظام قد لجأوا الى الحرب بعد ان وجدوا ان الاساليب الاخرى لم تعد مجدية لحسم التفاقم الذي بلغه التناقض الرئيسي بينهم وبين الاكثرية الساحقة من ابناء الشعب اللبناني . ان هذه الحرب بقدر ما تكشف عن هذه الحقيقة فإنها تكشف عن ترهل النظام وعجزه وبلوغه آخر مراحل تطوره . وان بقاءه لم يعد يستند الى متانة مقوماته . وإنما يرجع الى عجز الحركة الوطنية عن القيام بمهمة اسقاطه بسبب نهجها الإصلاحي “.
ثم ننتقل للعنوان الثاني ، فتعري النهج الاصلاحي الذي تلتزمه الحركة الوطنية، والذي أدى إلى عزلتها عن الجماهير، والذي يتعارض مع جدية نهج القتال . وتختتم المذكرة العنوان الثالث بالقول ” لا ريب في ان تبعية الحركة الوطنية اللبنانية الديمقراطية للمقاومة الفلسطينية بقدر ما تعبر عن وطنيتها فإنها تعبر ايضاً عن إصلاحيتها . ذلك ان نهج التبعية هذا عاجز عن تأهيل الحركة الوطنية لخوض نضالها الطبقي ضد أهل النظام الرجعيين وفرض إرادتها عليهم كما فعلت المقاومة نفسها !”. وفي معرض عرضها لموضوع العنوان الرابع :” جدية القتال ونهج الحركة الوطنية “. تقول المذكرة :” إننا في حزب العمل الإشتراكي العربي، نعتقد ان كل الجهود المبذولة في سبيل اعادة بناء الدولة وانتشالها من انقاض الحرب الأهلية المتراكمة ، سوف تنتهي في آخر المطاف ، إلى السقوط في مستنقع أزمة النظام العامة . وبما أنّ القوى الفاشية ( المسيحية والإسلامية). تشكل عائقاً في وجه تطور المجتمع اللبناني . فإن احتمال تجدد الحرب الاهلية يبقى امراً وارداً بإستمرار “.
وبعد ان يفصل العنوان الخامس ” مشروع الخطة القتالية لقوات الحركة الوطنية ، يختتم العنوان السادس” حيثيات متابعة القتال الجدي في الجنوب وظروفه الملائمة .. المذكرة بالقول :
إننا في حزب العمل الإشتراكي العربي . نعتقد ان الحركة الوطنية بما فيها حزبنا قد تخلفت عشر سنوات عن اخذ زمام المبادرة في التصدي للقوى الرجعية اللبنانية . إذ كان عليها ان تستغل وجود البندقية الفلسطينية . في سبيل رفع راية العنف الوطني اللبناني المسلح وفرض نفسها بإعتبارها الطرف الوطني المواجه للطرف الرجعي .
” لقد اسهبنا في التعبير عن قناعاتنا ومخاوفنا من ان يكون تكليف بإعداد هذه الخطة واحداً من القرار العديدة التي اتخذها مجلسكم الموقر دون ان تأخذ طريقها للترجمة العملية . ولكي تبقى ذريعة لمدعى او حجة لتمييع قرار القتال . فإننا نبدي استعدادنا التام للمساهمة الجدية في تأهيل المكتب العسكري وتنظيم عمله بلأئحة تنظيمية تمكن كل حزب من الاحزاب الاعضاء في المجلس السياسي المركزي من المشاركة في القتال وإبقاء صلتها الحزبية وعلاقتها التنظيمية مع مقاتليها دون ان يؤثر ذلك على فاعلية قوات الحركة الوطنية”.
ج: قدمنا الخطة القتالية في أواخر ايار 1978 ، بعد اسبوعين تقريباً من تكليفنا الذي كان ثمرة لهدنا المتواصل ونضالنا الدائب طيلة شهرين حتى اقتنع ، بل تظاهر بعض القادة بالإقتناع ، بضرورة تكليفنا بإعداد خطة قتالية لقوات الحركة الوطنية ولكن ماذا كانت نتيجة نضال الشهرين لإقناعهم بواجب القتال وفق خطة عسكرية مدروسة؟
” هيئة تحرير الثوري ” تجيب على هذا السؤال بمقدمتها لكراس :” الخطة القتالية لقوات الحركة الوطنية في الجنوب ، المحررة في أواخر كانون الأول 1978 ، اي بعد سبعة شهور على تقديم الخطة ، وخلاصة الجواب . ان نصيب المذكرة والخطة لم يكن سوى الصمت والإهمال .
كلفونا لكي يكسبوا الوقت ، وبعد ان مارست القيادات الوطنية دورها في الهمروجة الإعلامية المعروفة حول تحرير الجنوب . راح الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. يضغطون على حزب العمل الاشتراكي العربي، لإجباره على التخلي عن ” جبهة المقاومة الشعبية لتحرير الجنوب من الإحتلال والفاشية “. وقد اتخذ الضغط منحى. رفضت معه القوى الثلاث أية عملية مشتركة مع الحزب . قبل ان يتخلى عن التزامه بجبهة المقاومة الشعبية ويوافق على اذاعة العمليات باسم القيادة المركزية للقوات المشتركة . ونظراً لكون المشاركة في العمليات ضد الإحتلال الصهيوني وعملائه . لها اولوية على رغبة حزب العمل الإشتراكي العربي في ان تشق الحركة الوطنية طريقاً نضالياً لبنانياً يحررها من التبعية للآخرين ويميزها عنهم ويساعدها على امتلاك منهجها وزمام ارادتها نظراً لأولوية العمليات فقد انزلنا شعار ” المقاومة الشعبية ” ورضخنا لسطان الإصلاحية !…
ولكن رضوخنا لهم وانخراطنا في اطار تبعيتهم، لم يدفعنا للإستسلام فبادرنا لتقديم مذكرة جديدية بأوائل عام 1979 .
الرفاق والزملاء اعضاء المجلس السياسي المركزي “.
تحية رفاقية،
بناءً على المقابلة التي تمت مع الأمين العام التنفيذي الرفيق محسن ابراهيم ورغبة منا في ان تكون وجهة نظرنا معروضة على مجلسكم الموقر بوضوح كاف يسمح لنا بالقول . اللهم اشهد اني بلغت “…
بناءً على ذلك فإننا نستأذنكم بتناول الموضوعات التي طلب منا تحديدها وفقاً لتقديرنا وحسب فهمنا ، والتي لخصها الرفيق الأمين العام التنفيذي بالعناوين التالية .
أولاً : كيف يرى حزبنا الموقف السياسي الراهن ؟
ثانياً : ماهي خطة العمل التي يجب ان تتبعها الحركة الوطنية من وجهة نظرنا ؟
ثالثاً: ماهي الأسس والاصول التنظيمية التي ينبغي ان ترسي عليها علاقات التعاون والنضال المشترك بين فصائل الحركة الوطنية ؟
لا ريب في ان الترابط واضح بين هذه الموضوعات الثلاث لذا ، يهمنا بادئ ذي بدء ان نعرب عن تقديرنا لمبادرة اللجنة التنفيذية ودعوتها لفصائل الحركة الوطنية لإبداء ارائها وتحديد مواقفها في مسائل هامة ومصيرية. من جهة. ونرجو ان تكون معالجتنا بمستوى جدية هذه الموضوعات واهمية النتائج التي نتوخى تحقيقها في المنعطف التاريخي الذي تمر به حركتنا الوطنية ، من جهة أخرى . لقد استعرضت مذكرتنا هذه الوضاع العالمية والعربية واللبنانية باسهاب غطى العناوين الثلاثة : تغطية جاء فيها :
” إنّ صيانة امتيازات الرجعية المارونية وتأكيد هيمنتها على الدولة وضمان حرية الإحكتاريين في ممارسة الإستغلال بدون رادع او قيد. هما العاملان اللذات كانا وراء الحرب الاهلية وتعثر عملية إعادة بناء الدولة . وهما العاملان اللذات سيجعلان الدولة اللبنانية دولة فاشية بكل معنى الكلمة. لذلك سوف يضيع اي جهد هادف فرض هيمنة الدولة الشاملة طالما بقيت الظروف السياسية غير ملائمة ومتوافقة مع سياسة . الجبهة اللبنانية ، ومع حرية حرية الإحتكاريين في امتصاص جهود وعرق ابناء شعبنا “.
وبعد ان اعدنا التأكيد على ضرورة الحسم العسكري لإسقاط نظام الطائفية والفاشية . حررنا صيغة تنظيمية لعلاقات ديمقراطية قادرة على استيعاب كافة الآراء ووجهات النظر والإتجاهات الوطنية والتقدمية .
الأسس التنظيمية لعمل حركتنا الوطنية المشترك :
في الهيكلية التنظيمية :
يحتفظ كل فيصل يشارك في المجلس السياسي المركزي بعضويته الكاملة .
يضاف لعضوية المجلس رؤساء مجالس المحافظات المنتخبين في كل من الجنوب- الجبل- البقاع- الشمال- بيروت .
بعد مرور عامين على استشهاد رئيس الحركة الوطنية القائد كمال جنبلاط نرى انه بات من الضروري انتخاب رئيس جديد للمجلس وبالتالي حل اللجنة التنفيذية وانتخاب نائب واحد للرئيس .
تعاد كامل الصلاحيات التي سلبتها اللجنة التنفيذية من المجلس السياسي المركزي للمجلس ويصبح الرئيس مسؤولاً بشكل مباشر عن عملية التنفيذ للقرارات التي تتخذ من قبل المجلس عن طريق مجلس الرئاسة .
يتشكل مجلس رئاسة من :
رئيس المجلي المركزي .
نائب الرئيس.
(ج) السكرتير .
(د) مسؤولي المكاتب المركزية .
6- يعين المجلس المركزي عن طريق الإنتخاب مسؤولاً من بين اعضائه لكل مكتب من المكاتب المركزية .
لا يجوز لأي طرف تحمل مسؤولية اكثر من مكتب واحد .
يعين المجلس المركزي عن طريق الإنتخاب من بين اعضائه نائباً للرئيس وسكرتيرا .
يقوم نائب الرئيس مقام الرئيس عند غيابه .
(جـ) يتولى السكرتير شؤون المجلس السياسي المركزي التنظيمية والإدارية .
تنشأ مجالس مركزية للشؤون العسكرية والإعلامية والإجتماعية والمالية والتخطيط والدراسات والعلاقات العربية والعلاقات الدولية والتعبئة الشعبية ومكتب الرقابة العامة .
مجالس للمحافظات .
( ا) تتم عملية تشكيل المجلس السياسي للمحافظة من الفصائل الوطنية المتواجدة .
أي عنصر يضاف الى أي من المجالس بقرار من المجلس نفسه.
(جـ) ينتخب مجلس المحافظة رئيساً ونائباً للرئيس وسكرتيراً .
(د) يمارس الرئيس صلاحياته عبر مجلس الرئاسة في المحافظة المشكل من الرئيس ونائبه والسكرتير ورؤساء المكاتب الفرعية .
(هـ) ترتبط كافة مجالس المحافظات بالمجلس السياسي المركزي مباشرة او عبر مكتب الرئاسة المركزي .
إشعال اي مركز يتم عن طريق الإنتخاب “.
د- ولكن نصيب هذه المذكرة . لم يكن بأفضل من سابقاتها . يبد ان مسلسل المذكرات لم يتوقف . بسبب شعورنا بمسؤولية طرح وجهة نظرنا وإبلاغها لمن بيدهم تقرير مصير نهج الكفاح الوطني العام . فنحن نشعر بان الواجب الوطني يدعوننا لأن نصرخ ” اللهم اشهد إنني بلغت ” حتى لو كانت صرختنا كمن يفتح في غير حرم . فالواجب الوطني جدير بالآداء. والحق خير ما يقال حتى لو كان سبباً بإغضاب الآخرين . غير ان إالحاحنا جعلنا كمن يضرب بحديد بارد . والانكى من ذلك كله يتجلى بإضطرارنا للتمسك بــــ ” برنامج الإصلاح الديمقراطي ” الذي عارضناه منذ صدوره وطالبنا مراراً بتخلي الحركة الوطنية عنه . إن المقتطفات التالي من المذكرة التي قدمتها اللجنة المركزية لحزب العمل الإشتراكي العربي. الى اعضاء المجلس السياسي المركزي . توضح الدوافع التي اجبرتنا للتمسك بـــــ” البرنامج المرحلي “. إيضاحاً يكشف عن الدرك الذي بلغته الحركة الوطنية التي تخلت حتى عن الوثيقة الوحيدة التي اقرتها والتزمتها على امتداد خمس سنوات .
كنا نناضل من أجل ان تستعيد الحركة الوطنية قضيتها ومقومات قوتها . إستعادة كنا نأمل بلوغها بتطوير منهج الحركة وإعادة صياغته . وتحريره من التناقض بين الشخصين الصائب لتفاقم أزمة النظام العامة وبين تحديد اسلوب الكفاح الديمقراطي الإصلاحي العاجز عن المعالجة المطلوبة لحل الأزمة العامة . كنا نناضل من اجل تطوير منهج الحركة الوطنية وإذا بنا نفاجئ بمذكرة يقدمها الأمين العام التنفيذي . يطالب فيها بتخلي الحركة الوطنية حتى عن ” برنامجها المرحلي ” بحجة انها تلتزم بخط الإعتراض الذي لا يستدعي التمسك بمنهج خاص بالعمل الوطني … كنا نناضل من اجل تطوير الجزء فإذا بنا نفاجئ بالتخلي عن الكل . مفاجأة دفعتنا للدفاع عما كنا نعارضه. لنطالع . إذن هذه المسخرة التي تتخبط الحركة الوطنية بمستنقعها :